تصفية التركة في النظام السعودي – دليلك الشامل
التركة هي مجموعة من الممتلكات والحقوق التي يتركها الفقيد بعد وفاته، والتي تشمل الأموال والعقارات والممتلكات الأخرى. إن تفعيل عملية تصفية التركة في النظام السعودي تمثل أمراً بالغ الأهمية، حيث تسعى السلطات إلى توجيه الإجراءات القانونية بطريقة تكفل حقوق جميع الورثة بشكل عادل ووفقاً للأحكام الشرعية والقوانين السارية. تتيح عملية الاشراف وتوزيع التركات للمورثين إدارة الممتلكات المتبقية بشكل صحيح، وتوزيعها بينهم وفقًا للأنظمة والأحكام الواردة في القانون السعودي وفق الشريعة الإسلامية.
سنتطرق في هذه المقالة لمناقشة عديد من الأفكار حول تصفية التركات وكيفية التغلب على حالات النزاع ومتى يتم طلب دعوى تصفية تركة في المحكمة، بالإضافة لحالات منع الإرث، فإذا كنت مهتمًا بهذا الموضوع، أكمل المقالة.
توضيح مفهوم الاشراف وتوزيع التركات في القانون السعودي
يتوجب تعيين شخص مسؤول عن الاشراف وتوزيع التركات بعد وفاة الفقيد سواء باختيار الورثة وديًا أو عن طريق المحكمة في حالة حدوث خلافات بين الورثة خلال رفع دعوى تصفية تركة، ويتم توزيع التركة بين الورثة حسب درجة القرابة وفق القانون السعودي واتباعًا للشريعة الإسلامية، والتأكد من كافة الإجراءات القانونية لنقل الملكية.
إجراءات تصفية التركة في النظام السعودي
يوجد بعض الخطوات اللازمة قبل التقسيم الفعلي لتركة المتوفي، وذلك بإخراج بعض الحقوق المتعلقة بعين التركة وعلى سبيل المثال: الزكاة إذا كان المتوفي لم يخرج زكاته فلابد من إخراج الزكاة، وكذلك سداد ديون المتوفي إلى أن تصبح تركة المتوفى خالية من أي متطلبات تعيق تقسيم التركة وكذلك بالنسبة لأموال التكفين وتجهيز الميت يتم قضائها من أمواله أيضًا قبل التقسيم.
ومن ثَم يتم تقسيم التركة علي الورثة بالتراضي أو بالمحكمة في حالات النزاع بين الورثة عن طريق دعوى تصفية تركة، إذ يتم تقسيم التركة حسب نوع الورثة من ناحية القرابة إما أصحاب الفروض أوأصحاب العصبة وهم تصنيفان هامان في الشريعة الإسلامية، وإليك شرحًا موجزًا لهذين التصنيفين:
- أصحاب الفروض (الورثة المشروعين): يشملون الورثة الذين لهم حق في التركة وفقاً للأحكام الشرعية الإسلامية بدون حاجة إلى وصية أو توكيل من المتوفي، وهم الذين لهم الحق في الإرث بشكل مباشر، ويشمل ذلك الأبناء، والأحفاد، والآباء، والأمهات، والأخوة، والأخوات. يتم توزيع التركة بين هؤلاء الورثة وفقًا لحصصهم الشرعية.
- أصحاب العصبة: وهم الذين ليس لهم الحق في التوريث بشكل مباشر، ويتم توريثهم في حال عدم وجود أي من الورثة من أصحاب الفروض، ويشمل ذلك الأجداد، والأعمام والعمات، والأبناء الأقارب الذين ينتمون إلى الفرع الأقرب من فرع الورثة المشروعين. ويتم توزيع التركة أيضًا على حسب نصيب كل وارث.
إن تحديد أصحاب الفروض والعصبة يعتمد على درجة القرابة للفقيد والقوانين الشرعية. تطبيق هذه الأصول يسهم في ضمان الاشراف وتوزيع التركات بشكل عادل ووفقاً للأنظمة والقوانين السارية.
يمكن للفقيد (قبل وفاته) وضع وصية تنص على توزيع جزء من التركة على شخص أو عدة أشخاص. ومن المهم ملاحظة أن الوصية غير ملزمة إذا تعارضت مع حقوق الورثة الشرعية.
إجراءات تقسيم وتصفية التركة في النظام السعودي
تتبع إجراءات تقسيم وتصفية التركة في النظام السعودي أسساً قانونية وشرعية وتشمل عدة خطوات كالتالي:
- يتعين توثيق حالة الوفاة بواسطة السلطات المختصة والحصول على شهادة الوفاة الرسمية التي تحدد تاريخ ومكان الوفاة.
- يتم تحديد من هم أصحاب الفروض والعصبة والذين لهم حق التوريث بموجب القوانين الشرعية والقانونية في المملكة العربية السعودية.
- يتم جمع جميع الوثائق اللازمة لتقسيم التركة، بما في ذلك شهادات الوفاة وشهادات الزواج وشهادات الولادة ووثائق الممتلكات والتأكد من بلوغ الوارثين سن الرشد، واستخراج صك ولاية للقصّر في حال وجود وريث قاصر بينهم.
- يتم تقييم الأموال والممتلكات التي تشكل التركة، بمساعدة شخص موثوق ومعتمد يقوم بتحديد قيمتها السوقية.
- يجب وضع خطة توزيع تحدد نسب الحصص لكل وارث بناءً على الأحكام الشرعية والقانونية وحسب القوانين السارية وفق الشريعة الإسلامية.
- يتم إبلاغ الورثة بالتوزيع النهائي وحصصهم والدعوة لتوقيع المستندات اللازمة.
- يجب توثيق جميع العقود والمستندات الخاصة بعملية التقسيم والتصفية بواسطة الجهات المختصة.
توفر وزارة العدل قسمة تركة وهي خدمة إلكترونية لتمكن المستخدمين من إتمام خدمة الاشراف وتوزيع التركات بسهولة، إذ يتوجب على مستخدم الخدمة توفير:
- أصل وصورة الهوية الوطنية.
- حضور جميع الورثة أو من ينوب عنهم بتوكيل رسمي.
- أصل وصورة من صك حصر الورثة.
إن خطوات وإجراءات الاشراف وتوزيع التركات في النظام السعودي لابد من اتباعها بعناية ومن الأفضل طلب المساعدة من الاستشاريين القانونيين لضمان تنفيذها وفق القوانين.
تعرف على أنواع قسمة وتصفية التركة في النظام السعودي
القسمة بالتراضي والقسمة الاجبارية هما طريقتان مختلفتان لتوزيع التركة بين الورثة، وتختلف هاتان الطريقتان فيما يتعلق بالمبدأ الذي يقومان عليه وكيفية تحديد حصة كل وريث وهما كالتالي:
القسمة بالتراضي:
- تعتمد على اتفاق الورثة وديًا بشأن كيفية توزيع التركة إذ يجتمع الورثة ويتفقون على تحديد الحصص بشكل مباشر دون الحاجة إلى تدخل المحكمة. يمكن أن تكون هذه الطريقة أكثر سهولة وسلاسة إذا كانت هناك علاقات جيدة وتفاهم بين الورثة، مع ضرورة كتابة عقد قسمة تركة بالتراضي لإثبات وتوثيق قسمة التراضي قانونيًا وتوقيع جميع الورثة على بيان القسمة. ويحق للورثة مخاطبة الجهات الرسمية مثل: هيئة السوق المالية أو وزارة التجارة في حال عدم التعرف على جميع أموال وممتلكات الفقيد.
القسمة الاجبارية:
- تحدث في حالة النزاعات وعدم التوصل إلى اتفاق بين الورثة بشأن كيفية توزيع التركة، وتعتمد على القوانين والأحكام الشرعية والقانونية، يضطر الورثة لرفع دعوى تصفية تركة لمحاولة فض النزاع بينهم وتتم التصفية بحكم قضائي صادر من محكمة الأحوال الشخصية.
الاشراف وتوزيع التركات بين الورثة: الأصول والأحكام في الشريعة الإسلامية
تعتمد تصفية التركة في النظام السعودي على توزيع الأموال والأصول بين الورثة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. إليك كيفية توزيع التركة:
- النصف: ويستحقه الزوج، والبنت، وبنت الابن (إن نزل أبوها)، والأخت الشقيقة، والأخت لأب -وذلك وفقًا لشروط معينة لكل منهم.
- الربع: يستحقه صنفان، الزوج (إن كان للزوجة فرع وارث)، والزوجة (إن لم يكن للزوج فرع وارث).
- الثمن: تستحقه الزوجة (إن كان للزوج فرع وارث).
- الثلثان: يستحقهم أربعة أصناف، بنت الصلب فأكثر، وبنت الابن أو الحفيد فأكثر، والاختان الشقيقتان فأكثر، والاختان لأب فأكثر، ولكن بشروط معينة لكل منهم.
- الثلث: يستحقه صنفان: الأم بشرط عدم وجود فرع وارث، وعدم وجود اثنين فأكثر من الإخوة والإخوة لأم بشرط ألا يحجبوا.
- السدس: يستحقه سبعة أصناف، الأب والجد وإن علا، والأم والجدة، وبنت الابن فأكثر، والأخت لأب فأكثر، والأخ لأم أو الأخت لأم.
حالات عدم استحقاق الميراث في القانون الإسلامي: معرفة الضوابط والقواعد الشرعية
- إذا كان أحد الوارثين قاتل للمورث بالعمد أو شبه عمد أو شريك في جريمة القتل، فلا إرث له، ويجوز له الإرث دون الدية في حالة القتل الخطأ.
- لا ترث المرأة في حالة الطلاق البائن، لكن يحق لها الإرث في حالة الطلاق الرجعي ما دامت في فترة العدة.
- لا توارث مع اختلاف الدين وعلى سبيل المثال:
- أن يكون الفقيد مسلمًا والوارث كافرًا، ففي هذه الحالة لا يرث الكافر من قريبه المسلم.
- أن يكون الفقيد كافرًا والوارث مسلم، فلا يرث المسلم من قريبه الكافر.
- أن يكون الفقيد من ملة، والوارث من ملة أخرى. طبقًا لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “لا يتوارث أهل ملتين شتى”. رواه أبو داوود والترمذي.
يجب التعامل مع حالات منع الإرث بحساسية ودقة شديدة، ومعرفة أن كل حالة لها تفاصيلها الخاصة والمختلفة ولا تنطبق على جميع الحالات. لذا، يتعين الاستشارة بمحامٍ قانوني لضمان التوجيه الأمثل في حالات الاشراف وتوزيع التركات والتأكد بأن كل وارث قد حصل على حصته السليمة وفق القوانين والشريعة الإسلامية.
أهمية الاستشارة القانونية لتصفية التركة في النظام السعودي
يلعب الخبير القانوني دوراً بارزاً في توجيه ومساعدة الورثة خلال عملية تقسيم الممتلكات والأصول بشكل قانوني ووفقاً للأحكام الشرعية، وخاصةً في وجود بعض النزاعات والتحديات التي تحتاج للدقة والشفافية في إيجاد الحلول وعلى سبيل المثال:
- يتأكد الاستشاري القانوني من صلة قرابة الورثة بالوثائق والمستندات الرسمية وتوزيع حصص التركة وفق الأحكام الشرعية.
- يساعدك الاستشاري القانوني في معرفة كافة أصول التركة والتحقق من ملكيتها.
- يساعدك الاستشاري القانوني في التأكد من نقل الملكية للورثة وتوثيق كافة العقود والمستندات.
- في حالة النزاعات بين الورثة أو إذا شرع أحد الورثة في التصرف في التركة قبل تصفيتها وقسمتها دون علم وموافقة باقي الورثة، إذ يعد هذا التصرف غير قانوني ويتم اللجوء للقضاء للفصل بينهم والنظر في الدعوى وتوزيع التركة حسب درجة القرابة. وتتفاوت المدة الزمنية للفصل في القضايا حسب ظروف الدعوى وأسبابها.
دليل الاشراف وتوزيع التركات: التغلب على تحديات تصفية التركة في النظام السعودي
-
- في حال امتناع أحد الورثة عن تصفية وتقسيم التركة: ويُعد هذا التصرف غير قانوني وحرمان باقي الورثة من حقوقهم، يتم اللجوء للقضاء والاستعانة باستشاري قانوني ورفع دعوى تصفية تركة أمام محكمة الأحوال الشخصية وتحكم المحكمة بإجبار تقسيم التركة على جميع الورثة وفق الشريعة الإسلامية.
- في حال رفض أحد الورثة لعملية البيع: يلجأ باقي الورثة لرفع دعوى في المحكمة وتقرر المحكمة بيع العقار أو أيًا كان نوع الأصل المختلف عليه في مزاد علني وتقسيم حق البيع على الورثة حسب حصتهم. أو في حال رغبة أحدهم في البيع ورفض باقي الورثة يتم تسييل حصته لمبلغ مالي مع الاحتفاظ بالعقار لباقي الورثة.
- في حال رفض أحد الورثة توكيل محامي قانوني: طبقًا للقانون السعودي لا يجوز إجبار أي طرف على توكيل شخص بعينه، ويسمح له بتوكيل أي محامي آخر ولا خلاف في ذلك، شرط توحيد الصيغة الخاصة بتوكيل جميع الورثة ومواصلة كافة الإجراءات بسهولة. أما في حالة الامتناع وتعمد تأخير تصفية التركة فيكون الحل هو اللجوء للقضاء لإنجاز عملية التصفية.
في الختام
إن تصفية التركة في النظام السعودي هي عملية حساسة ومعقدة تتطلب فهماً دقيقاً للأنظمة والقوانين المحلية. من خلال الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة، يمكن توفير الحماية لحقوق الورثة وتسهيل عملية التوزيع بشكل عادل وفعال.
إذا كنت بحاجة إلى استشارة قانونية متخصصة في مجال الاشراف وتوزيع التركات، فإن شركة خالد هوساوي تضم فريقاً من الخبراء ذوي الخبرة والكفاءة في قانون التركة في المملكة العربية السعودية. تواصل معنا اليوم للحصول على الإرشادات اللازمة في معالجة قضايا التركة وكيفية رفع دعوى تصفية تركة بمراعاة للتفاصيل القانونية.