يبدأ القرار الاستثماري الرشيد من دراسة جدوى احترافية متكاملة تختبر الفكرة وقدرة المؤسسة الناشئة على تطوير منتج أو خدمة تلبي متطلبات الجمهور، وتفحص في الوقت ذاته الجدوى الاقتصادية للمشروع وتوفر أيضًا خطة عمل واضحة، وخلال هذا المقال سنتناول بالطرح أهم تفاصيل وعناصر دراسة الجدوى المالية والخطوات الأساسية لتقييم المشروع الاستثماري استنادًا إلى مبدأ الرشادة الاقتصادية. 

ما هي دراسة الجدوى المالية وما أهم أهدافها؟ 

إن دراسة جدوى أي مشروع استثماري بمثابة عملية متعددة الجوانب تشمل العديد من العناصر الأساسية لتقييم المشروع، وتعتبر دراسة الجدوى المالية أحد أهم وأبرز عناصر دراسة الجدوى المبدئية التي تتناول الناحية الاقتصادية للمشروع، ويتلخص مفهوم دراسة الجدوى المالية في: 

“دراسة الجدوى المالية هي مجموعة من التحليلات والإحصاءات القائمة على أسس علمية لبيان مدى ربحية المشروع وقدرته على الوفاء بالالتزامات المتوقعة، ودراسة الهيكل التمويلي المناسب للمشروع وتكاليف الإنتاج وهيكل الإنفاق وجدول التدفقات النقدية وكافة الجوانب المالية والاقتصادية للمشروع، لذلك يُطلق عليها البعض دراسات الجدوى التمويلية لاختصاصها بتحديد رأس المال المناسب والاعتبارات المالية الخاصة بالمشروع”. 

ومن هنا كانت أهداف دراسات الجدوى المالية متمركزة حول الموارد المالية للمشروع وذلك من خلال: 

  • تحديد مصادر الموارد المالية المختلفة للمشروع وتكلفة الحصول عليها. 
  • وضع الهيكل التمويلي المناسب للمشروع وتقدير التكلفة المتوقعة. 
  • التخطيط المالي للتكلفة الكلية للمشروع وإعداد القوائم المالية التقديرية. 
  • تحديد مدى ربحية الفكرة قبل بدء عملية التنفيذ وفهم صافي التدفق النقدي المُتوقع. 
  • قياس فترة استرداد الاستثمار وهل ستكون مناسبة أم لا ووضع الحلول الاستثمارية. 

بالطبع لا يمكننا حصر فوائد وأهداف دراسات الجدوى المالية في بضعة نقاط مختصرة، ولكن يمكننا القول إجمالًا أنها عنصر أساسي من عناصر بناء الاستثمار الناجح، وستتضح مدى أهميتها ودورها الفاعِل بعد التعرف على عناصر دراسة الجدوى المالية، ولكن أولًا سنسلط الضوء على البيانات الأساسية التي يجب على المستثمر توفيرها قبل بدء إعداد دراسة الجدوى. 

دراسة الجدوى وصناعة القرار الاستثماري الرشيد 

يتسم متخذي القرار الاستثماري بحسن التصرف في الموارد الاقتصادية وتوظيفها للحصول على أفضل عائد وتحقيق أقصى استفادة ممكنة، ولكي يتأتى ذلك لابد من توفير بعض البيانات الأساسية لمساعدة الباحثين في إعداد دراسة جدوى احترافية، ومن أهم النقاط التي يلزم على المستثمر معرفتها: 

  • حدد أهدافك الاستثمارية بوضوح والخط الزمني المتوقع لتحقيق أهدافك وتطوير منتجك أو خدمتك. 
  • حدد رأس المال الأساسي للمشروع والأصول التي يمكن الاعتماد عليها أو طرق التمويل المتاحة. 
  • توضيح مصادر ربحية المشروع والعائد الاستثماري المتوقع وحجم التقديرات المالية المستقبلية. 
  • توضيح المخاطر المرتبطة بالمشروع وأبعاد كل منها ومدى تأثيرها على نجاح الفكرة. 
  • توقع حجم المبيعات ودورة البيع وكمية المبيعات السنوية التي تحقق عائدًا ربحيًا مناسبًا. 
  • القيمة المستقبلية لمشروعك، فمن الضروري أن يكون لديك فرضيات أساسية لتعزيز قيمة منتجك. 

تعتبر هذه البيانات بمثابة المدخلات الأساسية التي يتم دمجها مع عناصر دراسة الجدوى المالية لتضع أمام المحللين والباحثين عدة سيناريوهات محتملة لتنفيذ الفكرة على أرض الواقع، والوصول إلى مخرجات رئيسية أكثر دقة وشفافية. 

عناصر دراسة الجدوى المالية: 

البحث عن فكرة جديدة أو خطة لتنفيذ مشروع ما يبدأ من إحكام القبضة المالية للفكرة، وبناء فرضيات النموذج المالي والتعرف على الجدوى الاقتصادية على أساس علمي واضح وصحيح، لذلك تمثل دراسة الجدوى المالية خطوة أساسية قبل بدء المشروع، وفيما يلي طرح سريع لـ عناصر دراسة الجدوى المالية وتأثير كل عنصر على صناعة القرار الاستثماري لمشروعك.. 

  • تحديد الافتراضات المالية

تُعد دراسات الجدوى المالية بناءً على الافتراضات المالية والمحاسبية لأداء المشروع، لذلك يعتبر تحديد هذه الافتراضات ودراستها بمثابة مفتاح الخريطة وإشارة البدء لإعداد الدراسة، وتتضمن الافتراضات المالية والمحاسبية العديد من التفاصيل منها على سبيل المثال: 

  • أسعار المواد الخام وتكلفة الحصول عليها
  • شروط الدفع للعملاء والموردين ومُزودي الخدمات
  • الأسعار المناسبة للخدمات أو المنتجات 
  • متوسط نسبة المبيعات المتوقعة من المشروع 
  • أسعار الخدمات المساعدة لتشغيل المشروع 
  • لوازم الإنتاج والتكلفة المتوقعة ونسب المخزون
  • قوائم الدخل والميزانية العمومية والتدفقات النقدية 

تختلف الافتراضات المالية والمحاسبية التي تقوم عليها عناصر دراسة الجدوى طبقًا لطبيعة النشاط التجاري؛ فلكل صناعة خباياها ومتطلباتها، لذلك يتم تحديد هذه الافتراضات من قِبل المُحللين بدقة واحترافية بالغة لما يترتب عليها من تقدير النتائج المالية للدراسة. 

  • التكلفة الاستثمارية للمشروع

إن أول وأهم ما تركز عليه عناصر دراسة الجدوى المالية هو تحديد التكلفة الاستثمارية للمشروع أو إجمالي حجم التكاليف التي يلزم إنفاقها على المشروع أي تقدير رأس المال الرئيسي المطلوب للإنشاء والتشغيل والدورة الزمنية لاسترداده ومن أهم الأسس التي ترتكز عليها هذه الخطوة دراسة ما يلي: 

  • التكاليف الثابتة، أو كما يُطلق عليها تكلفة الأصول الثابتة مثل موقع المشروع أو تكلفة البناء أو تكلفة الحصول على المعدات والآلات اللازمة وما شابه من التكاليف الأساسية اللازمة لإنشاء المشروع. 
  • تكاليف التشغيل، قبل بدء الإنتاج سيتطلب مشروعك مصروفات إضافية مثل رسوم الترخيص وحقوق الانتفاع والمصاريف التأسيسية للمشروع وغيرها تبعًا لمتطلبات النشاط التجاري وحجم المشروع. 
  • رأس المال الأساسي، لا يقتصر دور رأس المال على إعداد وتشغيل المشروع وحسب، إنما يلزم أن يغطي رأس المال الأساسي مرحلة التجهيز والتشغيل حتى بدء عملية الإنتاج وإنهاء دورة الإنتاج الأولى، لذلك تتم أيضًا دراسة العوامل المالية الرئيسية التي تحدد حجم الإنفاق حتى إتمام عملية الإنتاج. 

تحديد التكلفة الاستثمارية للمشروع ليس مجرد خطوة اختيارية حتى في ظل معرفة رأس المال المناسب، إنما تعتبر عنصر أساسي من عناصر دراسة الجدوى المالية لاستبيان كافة العوامل المالية الرئيسية لمشروعك وتوقي المخاطر المتوقعة. 

  • هيكل الأجور والموارد البشرية

أيًا ما كان نشاطك التجاري فأنت بحاجة إلى الكادر البشري، لذا فإن تخطيط هيكل الموارد البشرية وتكلفتها المتوقعة يقع ضمن عناصر دراسة الجدوى المالية ويعتبر واحدًا من العوامل المؤثرة في نجاح مشروعك، ولتخطيط ودراسة هيكل الأجور يلزم التطرق للنقاط التالية: 

  • حصر الوظائف المطلوبة في مرحلة التشغيل الأولى ومراحل تنمية المشروع
  • التحليل الإداري لمتوسط الرواتب وفقًا للمؤهلات المطلوبة والمستوى الوظيفي
  • حساب إجمالي قيمة الرواتب المستحقة شهريًا وسنويًا 
  • حساب الزيادات السنوية وتكلفة الترقيات الوظيفية 

عادة ما يتم تخطيط هيكل الموارد البشرية لمدة عام أو أكثر تبعًا لمدة الدراسة، حيث تختلف أعداد الموظفين والكوادر البشرية المطلوبة في مرحلة التشغيل عنها في مراحل الإنتاج المختلفة أو مراحل التطوير المتوقعة للمشروع، مما يوضح لنا مدى ترابط عناصر دراسة الجدوى وأهمية كل منها لصناعة القرارات الاستثمارية الرشيدة.  

  • ميزانية التسويق

في عهد التجارة الحرة وفي ظل المنافسة الشرسة لا يمكننا إهمال هذا البند الأساسي؛ اعتماد الميزانية التسويقية المناسبة للمشروع عنصر إلزامي لتسويق منتجك أو خدمتك وأخد حصته المناسبة من السوق بين المنافسين، لذلك يتولى مُعدي دراسات الجدوى المالية البحث عن أفضل القنوات التسويقية والخطط الدعائية للمشروع ومتوسط التكلفة المتوقعة. 

لم يعد حساب إجمالي ميزانية التسويق أمرًا سهلًا في ظل التطورات المستمرة التي يشهدها عالم التسويق الديناميكي خاصة قبل دخول الفكرة حيز التنفيذ على أرض الواقع، لذلك يبذل فريقنا في شركة خالد هوساوي وشركاه قصارى جهده للتعرف على طبيعة النشاط التجاري والخطط التسويقية الأكثر فعالية وحساب إجمالي ميزانية التسويق بدقة. 

  • الإيرادات المتوقعة

في ضوء البيانات السابقة تُقدِر عناصر دراسة الجدوى المالية حجم المبيعات والإيرادات المتوقعة من مشروعك الاستثماري لمدة خمس سنوات بحدٍ أدنى، مما يُسهِم في معرفة حجم الإيرادات المتدفقة للمشروع، وذلك لأن المبيعات بمثابة رافد نقدي رئيسي لأي مشروع استثماري وتمثل النقد التشغيلي الداخل للمشروع خلال فترة الإنتاج. 

إن الهدف الأساسي من توقع حجم الإيرادات السنوية أو إجمالي المبيعات السنوية لا يقتصر على تحديد الهامش الربحي المتوقع، إنما نقوم بناء عليه بوضع خطة المبيعات السنوية والشهرية على أساس عملي يتماشى مع حجم المشروع وطبيعة المنتج والاعتبارات الخاصة بالنشاط التجاري، والعمل على تنفيذها ضمن خطة سنوية مُنسقة. 

  • ميزانيات المشروع

إن إعداد ميزانيات المشروع من اهم عناصر دراسة الجدوى المالية، وتجدر الإشارة إلى أهمية التفرقة بين المحاسبة والميزانيات المتوقعة، فالأولى تقوم على حسابات فعلية حيث يتم قيد المعاملات المالية بدقة طبقًا للمبادئ العامة للمحاسبة، أما الميزانيات المالية التقديرية فتقوم على افتراضات دراسة الجدوى لذلك تكون بعض الأرقام تقريبية وخاصة ميزانيات التسويق والمبيعات ويتم النظر إليها كمؤشر لتقييم الحسابات الفعلية بعد بدء العمل.  

يتم تقسيم ميزانيات المشروع شهريًا وربع سنويًا وسنويًا، وذلك لعدة فترات زمنية تتراوح بين 3-10 سنوات حسب معطيات ومتطلبات الدراسة وكذلك حسب طبيعة النشاط التجاري ودورة الإنتاج. 

  • المؤشرات المالية 

تعد المؤشرات المالية واحدة من عناصر دراسة الجدوى المالية الأساسية، أو بالأحرى تعتبر من أهداف الدراسة الرئيسية، حيث تتناول بالتوضيح النقاط التالية: 

  • نقطة التعادل الاستثماري

يقصد بنقطة التعادل الاستثماري احتساب كمية الإنتاج المطلوبة من المشروع كي يتساوى إجمالي التكلفة مع إجمالي الإيرادات، بالوصول إلى هذه النقطة يكون إجمالي الربح مساويًا الصفر. 

تساعد نقطة التعادل الاستثماري في معرفة مدى سرعة تعافي المشروع من تكلفة التأسيس والتشغيل هذا من الناحية الاقتصادية، ومن الناحية الإنتاجية تساهم في توزيع الأحمال الإنتاجية بدقة في خطة التشغيل والإنتاج.  

تكون نقطة التعادل الاستثماري سريعة في المشاريع الخدمية وقد تصل إلى عدة سنوات في صناعات أخرى، يرجع ذلك لمتطلبات الصناعة ودورة الإنتاج. 

  • الميزان الاستثماري

الميزان الاستثماري باختصار شديد هو مؤشر نجاح المشروع على مدار عدة سنوات، فهو عبارة عن المنحنى الزمني لعمر المشروع الذي يسجل إجمالي الإيرادات مطروحًا منه إجمالي التكاليف لتوضيح القوة المالية للمشروع في كل فترة زمنية، ويتم تسجيل البيانات بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي تبعًا للنشاط التجاري لمعرفة متوسط الملاءمة المالية للمشروع وفترات النشاط والركود المتوقعة. 

  • مدة استعادة رأس المال

النقطة الثالثة والأخيرة والتي تعتبر من اهم عناصر دراسة الجدوى المبدئية أو المالية على وجه التحديد هي معرفة مدة استعادة رأس المال، نظرًا لأهمية هذا المؤشر للمستثمرين والممولين والشركاء أيضًا، فمن الضروري معرفة مدة استعادة رأس المال الأساسي الذي سيتم ضخه في المشروع، ولأن مدة دورة رأس المال تعتمد على طبيعة النشاط التجاري تساعد دراسات الجدوى المالية في تحديد دورة راس المال بدقة وواقعية في ضوء الدراسات والتحليلات السابقة.  

النتائج المتوقعة من دراسات الجدوى المالية: 

تعتمد دراسة الجدوى المالية بطبيعة الحال على مدخلات المشروع، لذلك قد تختلف العناصر التي تتناولها الدراسة تبعًا للمدخلات التي يوفرها المستثمر، ولكن في جميع الأحوال هناك بعض النتائج العامة التي نحصل عليها من دراسات الجدوى المالية منها على سبيل المثال وليس الحصر: 

  • جدول التكاليف الاستثمارية على مدار سنوات الإنشاء والتشغيل والمراحل الأولية للإنتاج أيضًا. 
  • تحديد وشرح هيكل التمويل الرئيسي المناسب لمدخلات المشروع وطبيعة النشاط التجاري في الوقت ذاته. 
  • معرفة دورة رأس المال الأساسي، والفترة الزمنية المناسبة لاستعادة رأس المال أو إهلاك الأصول. 
  • فهم نتائج الأعمال التقديرية للمشروع خلال مراحل التنفيذ المختلفة ومتطلبات كل مرحلة ومخرجاتها. 
  • حجم الأرباح المتوقعة نظير رأس المال المستثمر، وكذلك المخاطر الاستثمارية المتوقعة في مراحل التشغيل والإنتاج.

وأخيرًا معرفة مدى جدوى المشروع اقتصاديًا وما إذا كانت الفكرة مجدية أم لا، وإن لم تكن الفكرة مربحة كيف يمكن تحويرها إلى أفكار أخرى تؤتي ثمارها، ويمكنك التعرف على المزيد من التفاصيل حول دراسة الجدوى المبدئية والمالية بالتواصل المباشر مع فريق الاستشارات في شركة خالد هوساوي وشركاه أو طلب الاطلاع على سابقة أعمالنا.